لا يمكن أن نجزم غالبًا بوجود نهايات سعيدة عقب إجراء عمليات زرع الأعضاء، فعلى الرغم من أهمية هذه العمليات بالنسبة للمرضى المحتاجين إليها، إلا أنها لا تمثل الضمان الكامل للشفاء أو البقاء على قيد الحياة.
في هذا السياق، يُعتبر المرض جزءً من حياة الأفراد الذين يتلقون زرع الأعضاء، إذ يبقون بحاجة مستمرة إلى المتابعة الطبية، حيث يجب عليهم تناول الأدوية المطلوبة على مدى الحياة في معظم الحالات.
وفي تصريحه لـ SonFM، أكد المواطن التونسي حسين المازني وهو أحد المتضررين من فقدان الأدوية، أنه يعيش اليوم حياة منقوصة لا تخلو من الخطر المستمر.
فتلك الأدوية تعمل على ضعف الجهاز المناعي في أجساد المرضى، في محاولة لمنعه من مهاجمة الأعضاء المزروعة.
والمشكلة هنا لا تتمثل فقط في فقدان عدد معين من الأدوية، بل في فقدان كل الأدوية الضرورية، ولا يوجد بدائل لها.
في هذا الصدد، أطلق حسين المازني حملة "وفر الدواء" كرد فعل على هذا النقص الفادح للأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة في تونس، وخاصة تلك التي تتعلق بالأعضاء المزروعة في أجساد المرضى.
ويقول حسين المازني أنه خضع لعملية زرع في عام 2015، وتمثلت تلك العملية في منحه كلى من زوجته لإنقاذ حياته من معاناة تصفية الدم. ولكن اليوم عادت معاناته إلى الواجهة مجددًا بعد فقدانه للأدوية التي يجب عليه أخذها بعد الزرع.
المشكلة تتجلى أيضًا في نقص الأدوية في المصحة الوحيدة المعترف بها لتوفير هذه الأدوية، وهي مصحة العمران بالعاصمة.
ومنذ أشهر، انعدمت هذه الأدوية في المصحة، مما جعل زارعي الأعضاء في حالة يأس وخوف دائم.
إضافة إلى ذلك، فإن هذه الأدوية تستورد من خارج البلاد التونسية، مما يجعلها أكثر عرضة للنقص والتأخير.
زارعو الأعضاء يعيشون مع عائلاتهم حالة من الخوف الفادح جراء فقدان هذه الأدوية، ويعانون من قلة فرص العلاج البديل.
ووفق المازني، تتعهد مصحة العمران في كل مرة بأنها ستوفر الأدوية، ولكن للأسف لم يتحقق ذلك.
ختم المازني حديثه بالدعوة إلى الحكومة التونسية للتحرك بسرعة وضمان توفير الأدوية الضرورية لزارعي الأعضاء.
فحياة هؤلاء الأشخاص تعتمد بشكل حاسم على هذه الأدوية، ولا يمكن تجاهل ذلك.
كما شدد المازني على ضرورة أن تضمن الدولة حق الحياة لهؤلاء المرضى وتوفر لهم الرعاية الصحية الضرورية فإذا تم تجاهل هذه المشكلة، ستستمر مأساة زارعي الأعضاء في تونس وسيظلون معرضين للموت بسبب نقص هذا الدواء.
يُشار إلى أن مصحة العمران التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، شهدت الاثنين الماضي حالة فوضى واستياء بين المرضى، وذلك نتيجة للنقص الكبير في عدد موظفي الاستقبال وأيضًا في مختلف الأقسام والعيادات، بالإضافة إلى نقص حاد في إمدادات الأدوية، وفق بعض الشهادات التي تحصلت عليهم SonFM.
في هذا السياق، أوضح نادر العجابي، مدير عام الضمان الاجتماعي، لإذاعة "شمس أف أم" أمس الأربعاء، الموقف الذي شهدته مصحة العمران والذي أدى إلى حالة الاحتقان والفوضى. وأكد أن هذه الفوضى نشأت نتيجة تصرف مواطن حاول الحصول على أدوية خصوصية لوالده، على الرغم من عدم توفر ترخيص لتوزيع تلك الأدوية في تونس.
وأوضح العجابي أيضاً أنه بعد استلام إشعار بتوفير هذه الأدوية خلال الأسبوع القادم، قام المواطن بجلب البنزين وسكبه على جسده وعلى أحد مكاتب المصحة، مهدداً بإشعال النيران.
وشدد العجابي على وجود خطة لتوفير التمويل الضروري لاقتناء الأدوية، ولكن في هذه الحالة، تُعقد الأمور بسبب عدم حصول هذه الأدوية على ترخيص للتوزيع في تونس، مما يتطلب اتخاذ العديد من الإجراءات.