تشهد تونس في كلّ مرّة مشكلة في مادة الخبز بسبب مشاكل في التزود بمادة الدقيق، ما جعل مشاهد الطوابير أمام بعض المخابز أمرا عاديا في بلد يعتمد في غذائه على الخبز كمادة أساسية.
ولطالما ارتبط الخبز في المخيال الشعبي والتاريخ، بالقوت والثورة والغضب، بما أنّه كان حاضرا في شعارات ملاحم الشعوب التي حددت مصيرهم فمن من التونسيين ينسى "خبز وماء.. وبن علي لا".. شعارات تؤكد أنّه لا مجال للتخلي عنه أو إيجاد بديل له مهما كلّف الثمن..
لكن ماذا لو اختفى الخبز أو امتنعنا عن تناوله لفتره معينة؟
ماذا سيحدث للجسم؟
يصنع الخبز من حبوب مختلفة، لكن النوع الشعبي والمتداول هو الخبز الأبيض، الذي يصنع من حبوب منزوعة القشور بغاية أن تطول مدة صلاحيته، لكنّ ذلك يجرده من الألياف المفيدة ويجعله كتلة كربوهيدرات دون منافع غذائية تذكر. هذا الخبز المجرد من منافعه، يجعل عملية هضمه سريعة، مما يعجّل الجوع مرة ثانية وبالتالي، يعزز زيادة الوزن والسمنة وما تبعها من أمراض.. ناهيك عن أنّه يخزن في الجسم في شكل دهون ويرفع نسبة السكري في الدم.
وفي بعض الدول تكون نسبة الملح فيه عالية مما يعزز الإصابة بأمراض ضغط الدم والقلب والشرايين وما ينجر عنها من أمراض في الكلى وباقي الأعضاء.
ويعدّ الخبز الأبيض خطرا على من يعانون من حساسية الغلوتين لأنه يسبب آلاما وإسهالا وغازات وانتفاخا يستمرّ لمدّة ليست بالقصيرة..
لكن كل هذا لا يعني أن نمتنع عن تناوله، فالإقلاع عن الكربوهيدرات تماما يسبب نزولا حادا في الوزن بطريقة غير صحية باعتبار أنّ الجسم يفقد كمية كبيرة من المياه وليس من الدهون، بالإضافة إلى شعور مستمر بالتعب والإرهاق والغثيان والنعاس وتقلبات المزاج لأنّ الكربوهيدرات مسؤولة عن طاقة الجسم، لكن على أن يتم تغييره ببدائل صحيّة كالخبز المصنوع من الحبوب الكاملة مثل الحنطة والشوفان والذرة والأرز والشعير والكتان والقمح الكامل وغيرها..
هذه الحبوب تدعم جهاز المناعة باعتبار أنها غنية بالألياف والفيتامينات، وتعزز الجهاز الهضمي وتساعد في بناء العظام..
كما ينصح الأطباء بتناول الخبز بكميات رشيدة ومدروسة والابتعاد عن النوع الأبيض منه ناهيك عن اتباع نظام غذائي صحي بالإضافة إلى ممارسة الرياضة..
لذا فإنّ اختفاء الخبز الأبيض من الأسواق قد يبدو بالنسبة للكثيرين بمثابة الكارثة، لكنّ حضوره على الموائد بإفراط يخلّف مشاكل جمّة، تعود بالوبال ماديا وصحيا على الفرد وعلى الدولة التي تعاني أساسا من اهتراء قطاع الصحة فيها.
أطروحة على الدولة أن تعمل على تبنيها بغاية توجيه استهلاك العائلات والأفراد بناء على دراسات واستراتيجيات دقيقة، قبل أن يتفاقم الوضع، إن انساق الجميع وراء نصائح "ماري أنطوانيت".. وغيروا الخبز الأبيض بالبسكويت!