×
×

مجلس المنافسة: توقف شبه تام لدوره القضائي وقيود تشريعية تحد من أدائه


صورة تقريبية
قسم الأخبار
قسم الأخبار
نشر في 2023/10/02 15:13
TT
11

يعيش مجلس المنافسة المحدث سنة 1991 والمنوط في عهدته النظر في الدعاوى المتعلقة بالممارسات المخلة بالمنافسة وإبداء الرأي في المطالب الاستشارية والقوانين التجارية، شللا تاما على مستوى العمل القضائي والاستشاري، بسبب الشغور الحاصل في منصب رئيس المجلس ونائبه الأول وأعضائه، لتنقسم الآراء بين من يرى أن هذا الشغور أثر بشكل سلبي على أداء المجلس وعمق من عدد الجرائم المخلة بحرية المنافسة والتي تجلت في ارتفاع نسق الاحتكار والمضاربة وغلاء الأسعار، وبين من يرى أن الشغور لم يؤثر على أدائه "المحدود" بالأساس.

يتكون مجلس المنافسة من 13 عضوا على رأسهم رئيس مباشر ونائب أول يكون وجوبا قاضيا من المحكمة الإدارية ونائب ثاني يكون وجوب من محكة المحاسبات و10 أعضاء من رجال القانون والاقتصاد والخدمات، لكن منذ فيفري 2023 ومجلس المنافسة يعاني من شغور في منصب الرئيس ونائبه وأعضاء آخرين، بعد نهاية المدة النيابية للرئيس السابق للمجلس رضا بن محمود، فيما يتولى حاليا النائب الثاني للرئيس، مهام التسيير الإداري والمالي للمجلس.

ومن مهام المجلس النظر على مستوى الدوائر في الدعاوى المتعلقة بالممارسات المخلة بحرية المنافسة والمتمثلة خاصة في الاتفاقات والاستغلال المفرط لوضعية هيمنة في السوق، إلى جانب إبداء الرأي في مشاريع النصوص التشريعية والترتيبية وجميع المسائل التي لها علاقة بالمنافسة وعمليات التركيز الاقتصادي.

حول هذا الموضوع، اعتبر القاضي الإداري ونائب رئيس مجلس المنافسة سابقا محمد العيادي في تصريح لإذاعة SonFM أن عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد الدوائر القضائية والجلسات العامة الاستشارية ساهم في توقف عمل المجلس، وهو ما يتجلى في عدد الملفات المتراكمة لديه الآن دون نظر.

وواصل بالقول: قبل وقوع الشغورات كانت المؤسسات الاقتصادية المتضررة من الجرائم المخلة بالمنافسة ترفع قضايا بصفة استعجالية لدى المجلس الذي كان يحدد قيمة العقوبات ويسلطها ويقوم بوقف هذه الجرائم، أما اليوم فإن مهام أهم مؤسسة شبه قضائية تتمتع بواجب معاضدة جهود الدولة في التصدي للغلاء الفاحش والتضخم متوقفة تماما.

ويشير محدثنا إلى أنه منذ حدوث الشغور في مجلس المنافسة تضاعف عدد جرائم الاحتكار والمضاربة والإخلال بالمنافسة والاعتداء على المستهلك في تونس.

ويضيف العيادي أن تواصل الشغور في هذه المناصب سينجر عنه "مزيد تضرر" الملفات الاستشارية المقيدة بأجل زمني محدد ويقدم مثال على ذلك: قديما كان يعمل المجلس على بيان السبب أو الهدف من عمليات الاندماج بين المؤسسات الاقتصادية والذي غلبا ما ينتهي باحتكار سوق معينة والتحكم في أسعاره في وقت محدد، أما اليوم فإن تجاوز المدة الزمنية المحددة لدراسة هذا النوع من الملفات دون رد، يعطي الضوء الأخضر لهذه الشركات للعمل.

في المقابل، يرى عضو منظمة Alerte حسام سعد في تصريح لإذاعة SonFM أن الشغور الحاصل على مستوى رئاسة المجلس لن يؤثر على أدائه "الضعيف" و "غير الناجع" بالأساس منذ تأسيسه، وفق تعبيره.

وأضاف سعد أن السلطة الحالية أهملت المؤسسات التي تمثل ركائز الدولة الحديثة وهو ما يتجلى في وجود وزارات وولايات بلا وزير ووال، قائلا: السلطة لا تراهن على قدرة مجلس المنافسة في خلق أسواق تتحلى بالمنافسة الشريفة لأن صلاحياته القانونية محدودة.

هذا وتمكن مجلس المنافسة من تسليط عقوبات مالية وصلت حد 1 مليون دينار سنة 2020 على مؤسسة ناشطة في صناعة وترويج الورق الصحي عقب تظلم مؤسسة تنشط في ذات المجال لدى الهيئة التي أثبتت استغلال المؤسسة المدعى عليها لوضعية التباعية الاقتصادية للمؤسسة المتظلمة.

فروقات مجلس المنافسة التونسي عن الغرب

أشار عضو منظمة Alerte حسام سعد إلى أن مجالس المنافسة في الدول التي تحترم الحقوق الاقتصادية كفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية مستقلة عن الدولة ولها ضابط عدلي يسهر على تنفيذ قراراتها بطرق عاجلة، إلى جانب امكانياتها المادية والبشرية السخية والتي تظهر في أبحاثها وتحقيقاتها الاقتصادية، بالإضافة إلى أنها لا تتقيد بسقف من العقوبات.

في المقابل، يتبع مجلس المنافسة التونسي وزارة التجارة التي تتدخل لتعيين رؤسائه وأعضائه وتحديد ميزانيته المالية فيما تمر أطوار التقاضي بالمراحل الابتدائية والاستئنافية والتعقيبية والتي تطول أحيانا لسنوات، كما يقدر عدد العاملين في مجلس المنافسة التونسي بحوالي 32 عاملا كما يتقيد المجلس عند فرض عقوبات على الفاعلين الاقتصاديين بحد أقصى لا يمكن تجاوزه.

هذا ودعا القاضي الإداري ونائب رئيس مجلس المنافسة سابقا محمد العيادي إلى سد الشغورات سريعا كي يؤدي مجلس المنافسة دوره إلى جانب تدعيم استقلاليته عن وزارة التجارة ومراجعة قانون المنافسة للبت في القرارات أسرع أمام القضاء وتدعيمه بأعضاء ومضاعفة ميزانيته كي يتمكن من مجابهة قضايا الاقتصاد الريعي في البلاد.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld