وساطة لا اتفاق: بداية أزمة تصاعدت
أكد بهاء الدين الرابعي، نائب رئيس منظمة الأطباء الشبان في تصريحاته على موجات إذاعة Son FM ، أن ما تم التوصّل إليه لم يكن "اتفاقًا" بالمعنى الدقيق، بل جاء نتيجة وساطة قادتها عمادة الأطباء بعد أن فوّضتها المنظمة لتقريب وجهات النظر مع وزارة الصحة. وأوضح أن وزارة الصحة لجأت في خضم الأزمة إلى استعمال آليات التّسخير عبر الولاة، مهدّدة بسحب الأطباء بالقوة البوليسية للعمل في أقسام الاستعجالي، ما زاد من حدّة التوتّر الميداني.
فشل الالتزام المشترك يُعيد الأطباء إلى الإضراب
في إطار بناء الثقة، تم الاتفاق على تعليق الإضراب لمدة 24 ساعة، مقابل تعليق وزارة الصحة لقرارات التّسخير، كما اتُّفق على إصدار ثلاثة بيانات مشتركة ومتزامنة من عمادة الأطباء، ووزارة الصحة، ومنظمة الأطباء الشبان. غير أن المنظمة تفاجأت بتأخر نشر بيان وزارة الصحة بساعة ونصف، وبعد ضغوطات، تم إصدار بيان مختلف لا يتضمّن النقاط المتفق عليها مسبقًا. وهو ما اعتبرته المنظمة خرقًا للاتفاق، ما دفعها إلى سحب بيانها ومواصلة الإضراب.
جلستان تفاوضيتان... والتصعيد يسبق الانفراج
عُقدت أول جلسة تفاوض بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية، وتميّزت بالتوتر والحدة، حيث افتتحها الوزير برفض التفاوض مع منظمة الأطباء الشبان بحجة أنها "جمعية" وليست "نقابة"، مهددًا باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي تحركات احتجاجية مستقبلية، مستشهداً بقضية رئيس جمعية المحامين. ولم تتجاوز هذه الجلسة زمناً قصيرًا، غادرها وفد الأطباء الشبان بسبب مناخ التصعيد والاستفزاز.
كما أدلى الوزير خلال تلك الجلسة بتصريحات مثيرة للجدل، حيث اعتبر أن هجرة الأطباء "لا تمثل مشكلة" بل وسيلة لجلب العملة الصعبة، مشيرًا إلى عدم اعتراض الدولة على استقدام أطباء صينيين لتعويض النقص.
هذا المناخ العدائي دفع المنظمة إلى تحويل الملف إلى قضية وطنية، ونظّمت مسيرة احتجاجية أمام المسرح البلدي، للدفاع عن الحق النقابي وكرامة الأطباء الشبان.
12 ساعة من التفاوض تنتج انفراجًا وأرضية تفاهم
بعد التوتر والفشل في الجلسة الأولى، انعقدت جلسة ثانية مطولة دامت أكثر من 12 ساعة، انطلقت في التاسعة والنصف صباحًا وانتهت في العاشرة مساءً، بحضور وفود من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، والوزير المفوض من رئاسة الحكومة، إلى جانب ممثلين عن منظمة الأطباء الشبان. وأسفرت هذه الجلسة عن جملة من الاتفاقات الجوهرية.
*أبرز الاتفاقات: إصلاحات ملموسة ومكاسب
- تشكيل لجنة ثلاثية من وزارة الصحة، وزارة الدفاع، ومنظمة الأطباء الشبان، تبدأ أعمالها الأسبوع المقبل وتُنهي مهامها خلال شهر أوت. مهمتها: مراجعة الأطر القانونية وتحديد شروط الإعفاء من الخدمة المدنية.
- زيادات مالية:
40 دينارًا زيادة في منحة المداومة لصنفي "أ" و"ب"، بداية من أكتوبر 2025.
- الترفيع في المنحة الشهرية للأطباء المقيمين ابتداءً من 2026، على أن تبدأ المفاوضات لتحديد القيمة الأسبوع المقبل.
- صرف جميع المتخلدات المالية خلال شهر جويلية.
مراجعة الهيكلة وإنصاف الأطباء الشبان
- الاتفاق مع وزيري الصحة والتعليم العالي على تنظير وضعية الأطباء الشبان مع الأساتذة الجامعيين في ما يخص رسوم التكوين والتعليم.
- مراجعة مقررات كل المستشفيات للتحقّق من خلوّها من الإخلالات الإدارية والتنظيمية.
- إنشاء لجنة تظلم مكونة من أساتذة جامعيين وممثلي منظمة الأطباء الشبان، تُعنى بملفات التربصات غير المعتمدة، مع إعداد قائمة معايير علمية وموضوعية واضحة.
- النظر في وضعية الطبيبات الحوامل، حيث تم الاتفاق على فترة زمنية لا تعوّض بعد الغيابات، حمايةً لحقوقهن.
رسالة أمل لجيل جديد من الأطباء
أكد بهاء الدين الرابعي أن الاتفاق المبرم يُعد منصفًا ويفتح أبواب الأمل أمام الأطباء الشبان، داعيًا إلى التمسك بالوحدة ومواصلة الدفاع عن الحقوق والكرامة المهنية.
"رسالتنا للأطباء الشبان هي الأمل في واقع أفضل ."