أصدر قاضي التحقيق الأول بالمكتب رقم 36 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب يوم السبت الفارط قرارا يقضي بمنع كل وسائل الإعلام السمعية والبصرية من التداول في قضيتي التآمر على أمن الدولة المتعهد بهما.
وأكدت الناطقة الرسمية باسم القطب، حنان قداس، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أنّ هذا القرار الذي يخص وسائل الاعلام السمعية والبصرية يهدف إلى الحفاظ على حسن سير الأبحاث وسرية التحقيق وحماية المعطيات الشخصية لأطراف موضوع البحث، وفق تقديرها.
وفي ذات السياق، قالت عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين، الأستاذة إسلام حمزة، إنّ هيئة الدفاع تقدّمت اليوم بمطلب لقاضي التحقيق الذي صدر عنه القرار بالرجوع فيه نظرا لخطورته الجسيمة، مضيفة أنا هذا المطلب جاء لعدم وجود سند قانوني للقرار المُتخذ، مضيفة أنّ قرار الطعن الذي اتخذته هيئة الدفاع جاء طبقا للفصل 45 من القانون المتعلق بمكافحة الجرائم الإرهابية الذي مكّن من طلب الرجوع إلى قاضي التحقيق والطعن في القرار أمام دائرة الاتهام.
وأكّدت حمزة أنّ قرار قاضي التحقيق القاضي بمنع وسائل الإعلام من التداول في قضية التآمر على أمن الدولة يتعارض مع جميع القوانين الوطنية المنظمة للصحافة بكل وسائلها السمعية والبصرية والمكتوبة خاصة المرسوم عدد 116 لسنة 2011، إضافة إلى تعارضه مع المعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية.
وأوضحت الأستاذة إسلام حمزة أنّ هذا القرار يتعارض أيضا مبدأ حرية التعبير وحق النفاذ إلى المعلومة، كما أنّه يمثل ضربا لحق الدفاع باعتباره يقوم بتكميم أفواه المحامين المدافعين عن السياسيين المعارضين الموقوفين، وبالتالي التضييق على حقهم في الدفاع عنهم وحرمانهم من بيان حقّهم أمام الرأي العام.
وتابعت بالقول "للأسف الوضع الذي نحن أمامه الآن من تلفيق للملفات والزج بالمعارضين في السجون وامتناع مؤسسات الدولة عن كل توضيح، وصل بنا إلى مرحلة تكميم الأفواه والتعتيم ومنع المعارضين من الدفاع عن أنفسهم وترهيب المحامين وأعضاء هيئة الدفاع وترهيب الإعلاميين وتهديدهم بالسجن في حال تناول ملف التآمر على أمن الدولة وحاولوا القيام بوجابهم تجاه الشعب التونسي".
كما شدّدت محدّثتنا على حق الشعب التونسي في معرفة حقيقة الملف وحقيقة التآمر لأن تهم التآمر والتخابر والإرهاب جرائم خطيرة ستبقى في تاريخ البلاد التونسية.
واعتبرت عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين الأستاذة إسلام حمزة أنّ قرار قاضي التحقيق مواصلة لمحاولة إخفاء الحقائق بما أنّ مؤسسات الدول لا تملك القرائن والأدلة إضافة إلى غياب الأبحاث الجدية، قائلة "لم يبق لهم سوى محاولات المواصلة في هذا النهج بطريقتهم في الغرف المظلمة".
من جانبه، اعتبر عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وجيه الوافي، أنّ قرار قاضي التحقيق المتعلق بمنع وسائل الإعلام من التعاطي الإعلامي مع قضية التآمر على أمن الدولة، يحدّ من حرية الإعلام والصحافة ويتضارب مع ما جاء في الدستور، كما يتنافى مع المعاهدات الدولية.
كما أفاد الوافي بأنّ النقابة الوطنية للصحفيين ستطعن في هذا القرار لدى دائرة الاتهام بالقطب القضائي، مشدّدا على احترام النقابة لقرارات القضاء.
واعتبرت النقابة في هذا السياق أنّ هذا القرار يضرب حقّ المواطنين والمواطنات في المعلومة، خاصّة وأنّ هذا النوع من القضايا هو محور اهتمام الرأي العام الوطني والسياسي ويجب أن تكون تفاصيله تحتوي حدّا أدنى من الشفافية والوضوح.
وعبّر عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على أمله في أن ينتصر القضاة إلى مبدأ حرية الصحافة والتعبير، داعيا الصحفيين إلى العمل في كنف الأطر القانونية والالتزام بأخلاقيات المهنة.
من جانبه كان المحلل والصحفي بسام حمدي قد صرّح لإذاعة Son fm أنّ السلطة القائمة تريد مواصلة انتهاج نفس السياسة الاتصالية المبنية أساسا على الانغلاق مع وسائل الإعلام والتعتيم على المعلومة، مشيرا إلى أنّ هذا القرار يندرج ضمن محاولة التكتم على قضية تهم الرأي العام الوطني والدولي، في تعليقه على قرار قاضي التحقيق المتعلق بمنع وسائل الإعلام من التداول في قضية التآمر على أمن الدولة.
في المقابل، دعت النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة منظوريها إلى الالتزام بالقرار الصادر عن قاضي التحقيق، وقال رئيس النقابة كمال ربانة في تصريح لإذاعة Son fm إنّ النقابة تحترم كل القرارات القضائية لحماية صحافييها ومنظوريها من إذاعات خاصة، ولا تتعارض مع نقابة الصحفيين.
وأضاف ربانة أنّ النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة ستقوم بمناقشة القرار مع السلط المعنية بالأمر من وزارة العدل وكل من يهمّه الأمر للمطالبة بتوضيحات تتعلق بهذا القرار وفقا للقواعد المهنية والقانونية دون تأويلات وبمشاركة مختلف الأطراف المتداخلة.
ولفت محدّثنا إلى أنّ قرار قاضي التحقيق لم يشمل الإعلام المكتوب وهذا ما ترفضه النقابة، مشيرا إلى أنّ دور الإذاعات هو مناقشة الواقع وكل الأحدث والمعلومات والأخبار دون الدخول في تفاصيل قضايا مازالت في طور التقاضي.
ويشار إلى أنّ 8 سياسيين موقوفين منذ 4 أشهر على ذمة التحقيقات في قضية التآمر على أمن الدولة.
وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت الثلاثاء الماضي رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى الإفراج عن السياسيين الموقوفين.