اعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اليوم الأحد 18 جوان 2023 أنّ القرار الصادر عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقاضي بمنع التداول الإعلامي في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة "فاقد للسند القانوني"، ويتنافى مع الفصل 55 من الدستور الذي ينصّ على إمكانية تقييد الحقوق والحريات، بما فيها حرية الصحافة، وفقا لجملة من الشروط والضوابط والتي من بينها شرط الضرورة في نظام ديمقراطي.
وأكدت النقابة، توجهها للطعن في هذا القرار لدى دائرة الاتهام بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ودعت السلطة القضائية إلى الدفاع عن مبدأ الحرية والابتعاد عن منطق التعتيم والرقابة المسبقة.
واعتبرت النقابة أنّ هذا القرار يضرب حقّ المواطنين والمواطنات في المعلومة، خاصّة وأنّ هذا النوع من القضايا هو محور اهتمام الرأي العام الوطني والسياسي ويجب أن تكون تفاصيله تحتوي حدّا أدنى من الشفافية والوضوح، وفق نصّ للبيان الذي اعتبر أن القرار يتعارض مع الفصل 38 من الدستور الذي يكرس حق المواطنين والمواطنات في المعلومة.
وأضافت نقابة الصحفيين أنّ هذا القرار "يتعارض مع الدستور والعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف الدولة التونسية، ومع التطور التكنولوجي الذي يسمح بتناول هذه المواضيع من طرف وسائل الإعلام الأجنبية وداخل مواقع التواصل الاجتماعي".
كما اعتبرت أنّ هذا القرار جاء "مخالفا لأحكام الفصل 37 من الدستور الحالي الذي يمنع الرقابة المسبقة على حرية التعبير والإعلام والنشر"، قائلة أنّه "لا يمكن التعلّل بأن التداول الإعلامي من شأنه المساس بحسن سير التحقيق أو حقوق المتهمين لأن قاضي التحقيق غير مطلع على ما يمكن أن تبثه وسائل الإعلام من مضامين إعلامية".
وعبرت النقابة عن استغرابها من هذا "النزوع نحو المنع والرقابة المسبقة عوض تقديم تفسيرات للغموض الذي يحوم حول القضية مما ساهم في انتشار أخبار غير رسمية عن القضية بالإضافة إلى الإشاعات والتسريبات الموجهة بهدف التأثير على الرأي العام".
واعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنّ هذا القرار لم يحترم شرط الضرورة طالما أنّه لازال بالإمكان استعمال مواقع التواصل الاجتماعي للتداول الإعلامي في هذه القضية خارج كل الضوابط القانونية والأخلاقية الملزمة لوسائل الإعلام، مشيرة إلى أنّه "كان من الأجدر أن تقوم السلطة القضائية بمد الصحفيين والصحفيات بصورة حينية بالمعلومات الضرورية لإنارة الرأي العام وإثراء النقاشات والقيام بتغطية إعلامية متوازنة".
وطالبت نقابة الصحفيين في بيانها، النيابة العمومية بإعلام الرأي العام بتطورات القضيّة اسوة لما يحصل في قضايا مماثلة في دول أخرى على غرار قضية التجسس الروسي على الولايات المتحدة والتي حظيت بمتابعة وتغطية إعلامية حينية ومفصلة.
ودعت النقابة جميع الصحفيين والصحافيات إلى مواصلة قيامهم بعملهم في تغطية الأخبار المتعلقة بقضية التآمر وفقا للقواعد القانونية والأخلاقية المتعارف عليها.
من جانبه قال المحلل والصحفي بسام حمدي في تصريح لإذاعة Son fm إنّ السلطة القائمة تريد مواصلة انتهاج نفس السياسة الاتصالية المبنية أساسا على الانغلاق مع وسائل الإعلام والتعتيم على المعلومة، مشيرا إلى أنّ هذا القرار يندرج ضمن محاولة التكتم على قضية تهم الرأي العام الوطني والدولي.
وأفاد حمدي بأنّه يحقّ للمواطن التونسي الإطلاع على مستجدات القضية دون الخوض في مسارها القضائي بكافة تفاصيله، مشدّدا على أنّه لا يحق للسلطة مصادرة حرية التعبير.
وبيّن ذات المصدر أنّ قرار قاضي التحقيق يعتبر خطوة جديدة للتضييق على حرية الصحافة.
وبسام حمدي يقول إنّه من المعلوم أن يحترم الصحافيون ووسائل الإعلام خصوصيات الملفات القضائية، لكن منع التداول في هذه الملفات يعد ضربا لحرية الصحافة والتضييق عليها.
ويذكر أنّه تمّ ايقاف واستنطاق عدد من السياسيين والجامعيين والناشطين في أحزاب ومنظمات ومحامين على ذمة تحقيقات تتعلق بالتآمر على امن الدولة الداخلي والخارجي.