صادق البرلمان أمس الأربعاء 17 جانفي 2024، على القانون المتعلق بتنقيح مرسوم الصلح الجزائي الذي كان قد تقدم به رئيس الجمهورية قيس سعيد في 28 ديسمبر 2023، عقب انتهاء عضوية لجنة الصلح دون تحقيق أهدافها، من جهته قال عضو مرصد رقابة مبروك الحريزي في تصريح لإذاعة SonFM اليوم 18 جانفي 2024 إن التنقيحات لم تغير فلسفة المرسوم التي تتعارض مع القواعد الأساسية للعدالة الانتقالية وضمانات الشفافية والموضوعية، وأشار إلى أن السعي وراء تحقيق مردودية مالية جاء على حساب نجاح آلية الصلح الجزائي.
وتشمل التنقيحات الجديدة إحداث لجنة لدى رئاسة الجمهورية تسمى "اللجنة الوطنية للصلح الجزائي" حيث تحدد مدة أعمالها وأعضائها بأمر من رئيس الجمهورية، تنظر هذه اللجنة في مطالب الصلح الجزائي في ظرف لا يتجاوز أربعة أشهر من تاريخ تعهدها بالملف، بالتفاوض مع طالب الصلح حول قيمة المبلغ الواجب دفعه، ثم يرفع رئيس اللجنة ملف الصلح لرئيس الجمهورية في ظرف 48 ساعة من تاريخ إمضاء محضر الجلسة والذي يقوم بدوره برفعه إلى مجلس الأمن القومي.
في هذا الإطار، حذر عضو مرصد رقابة من خطورة إقحام مجلس الأمن القومي في مشروع الصلح وإعطائه إمكانية التقرير في قبول ورفض الملفات أو الترفيع في قيمة أموال الصلح، مشددا على أن المجلس لا يتوفر له الاختصاص المالي.
ونفى محدثنا وجود أي مؤشرات تدل على تحقيق مرسوم الصلح لأي مردودية مالية، في ظل التزام اللجنة بالصمت والتعتيم حول عدد ملفات الأشخاص الذين تقدموا بالصلح أو الذين طالبتهم هي بالصلح، قائلا: "هناك رغبة في تسريع تعديل المرسوم الذي سيكون له أثر عكسي، لاستحالة تحقيق أشكال الصلح على أرض الواقع."
ووفق التنقيح الجديد يكون طالب الصلح أمام خيارات عدة للدفع من بينها إبرام صلح نهائي يتضمن دفعا كاملا للمبلغ أو صلح وقتي يقوم إما على دفع نصف المبلغ المطلوب مقابل الالتزام بدفع البقية في أجل لا يتجاوز 06 أشهر، أو دفع نصف المبلغ المطلوب مقابل إنجاز مشروع أو مشاريع في حدود المبلغ المتبقي المستوجب مقابل إسقاط جميع التتبعات ضد المعنى بالصلح، وفي حل فرار المنتفع بالصلح يقع مصادرة كل الأموال والمكاسب التي انتقلت منه بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى أصوله أو فروعه أو إخوته أو أصهاره...
من جانبه قال عضو مرصد رقابة إن القانون التعديلي يتضمن مصادرة لحق القضاء، حيث إنه عند عدم نجاح عملية الصلح يقع ضخ الأموال المؤمنة في خزينة الدولة، وفي ذلك تجاوز للقضاء، ويرى محدثنا أن مصادرة الأموال في حالة فرار طالب الصلح من المنتفعين بصفة مباشرة أو غير مباشرة يعد إجحافا وظلما كبيرا.
وجدد محدثنا تأكيده أن مرسوم الصلح الجزائي يتنافى مع مبادئ العدالة الانتقالية، مؤكدا أن الأشخاص الذين انتفعوا بالمال العام دون وجه حق وأحدثوا ضررا بالدولة يتيح لهم القانون إسقاط كل التتبعات ضدهم حال إبرامهم صلح جزائيا ما يكرس عدم المساواة مع متهمين ومذنبين آخرين.