أكدت الناشطة السياسية وعضو ائتلاف الخلاص الوطني، شيماء عيسى على موجات إذاعة Son FM ، أنّ تونس تمرّ بأزمة سياسية خانقة تستدعي وجود معارضة قوية وموحدة، متحررة من القيود والعُقد الأيديولوجية. وشدّدت على أنّ الانقسامات الداخلية والصراعات الفكرية القديمة تُضعف المعارضة وتمنعها من تمثيل مصالح الشعب التونسي.
قمع سياسي وتضييق على الحريات
كشفت عيسى أنّ استجوابها الأخير من قبل وحدات مكافحة الإرهاب يعكس خطورة توظيف القوانين الاستثنائية في ملاحقة المعارضين السياسيين، مؤكدة أنّ القمع لم يعد يقتصر على تيار بعينه، بل أصبح يشمل أصواتًا مختلفة ومتعددة. وحذّرت من تراجع الحريات وغياب الثقة السياسية، معتبرة أنّ ذلك يضر بالديمقراطية ويدفع المواطنين إلى العزوف عن العمل العام.
دروس من 25 جويلية
وتطرّقت عيسى إلى أحداث 25 جويلية التي شهدت احتجاجات متفرقة، لكنها عكست غياب التنسيق والوضوح لدى مكوّنات المعارضة. وأوضحت أنّ هذا الارتباك منح صورة سلبية عن القوى المعارضة وعمّق الانقسامات، داعيةً إلى تجاوز الخلافات الداخلية لصياغة مشروع وطني مشترك. كما اعتبرت أنّ الأزمة الحالية هي نتيجة "انقلاب" أطاح بالأسس الديمقراطية للبلاد، ما يستدعي تعبئة أوسع للدفاع عن الحقوق والحريات.
أزمة اقتصادية ومعاناة يومية
ولم تُغفل عيسى الجانب الاقتصادي، حيث شدّدت على أنّ التونسيين يواجهون صعوبات كبيرة في توفير المواد الأساسية، معتبرة أنّ الأزمة طالت الجميع بلا استثناء. وأكدت أنّ تجاوز هذه المرحلة يتطلب تغيير العقليات السياسية والابتعاد عن الحسابات الضيقة والولاءات الأيديولوجية، والعودة إلى العمل من أجل المصلحة العامة.
المجتمع المدني بين الحياد والانخراط
وانتقدت عيسى تراجع دور بعض مكوّنات المجتمع المدني، على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، معتبرة أنّ انخراطها في التجاذبات السياسية أضعف استقلاليتها. وشدّدت على أنّ مهام المجتمع المدني يجب أن تبقى في خدمة حقوق المواطنين والدفاع عنها، دون أي انحياز سياسي.
مشاركة النساء في السياسة
وفي جانب آخر، تناولت عيسى مسألة مشاركة النساء في الحياة السياسية، معتبرة أنّ الوضع الراهن صعب للغاية عليهن رغم النضالات التي خاضتها المرأة التونسية، خاصة خلال صياغة دستور 2014. وأشارت إلى أنّ تمثيل النساء في البرلمان ضعيف، وأنّ حضورهن في مراكز القرار ما يزال محدودًا، منتقدةً الأنظمة الشعبوية والسلطوية التي تستخدم المرأة كـ"ديكور" سياسي دون تمكين حقيقي.
وشدّدت على أنّ النساء يمتلكن رؤى وأفكارًا قادرة على إثراء المشهد السياسي، لكنّ النظرة الذكورية السائدة ما زالت تعيق مشاركتهن. ودعت إلى توفير دعم مؤسسي وإرادة سياسية صادقة لضمان حضور المرأة في مراكز القرار، باعتبار مشاركتها ركيزة أساسية لبناء ديمقراطية حقيقية.
دعوة للتجديد والوحدة
وفي ختام حديثها، أكدت شيماء عيسى أنّ مستقبل تونس لن يتحقق إلا بتجديد الأفكار والوجوه داخل المعارضة، وتجاوز الخصومات القديمة. وشدّدت على أهمية بناء خطاب سياسي جديد يقوم على الحوار، التوافق، والتعاون بين مختلف مكوّنات المجتمع، من أجل حماية الديمقراطية والدفاع عن حقوق التونسيين جميعًا.