أصدرت منظمة المادة 19، النسخة الجديدة من التقرير العالمي لحرية التعبير، وهو تقرير يستند إلى مجموعة من المعطيات العلمية لتقييم درجة انفتاح ودرجة توفر حرية التعبير في كل بلد من بلدان العالم، وحلت تونس في المرتبة 79 عالميا متأخرة بـ 8 درجات بالنسبة لنسخة السنة الفارطة، وفقا لمديرة منظمة المادة 19 مكتب شمال إفريقيا والشرق الأوسط في تصريح لها لإذاعة Son Fm.
ومع ذلك فإنّ تونس تبقى في المرتبة الأولى في الترتيب، بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضافت الغزواني أنّ حصول تونس على المرتبة الأولى مقارنة ببلدان المنطقة العربية لا يعني أنّ حرية التعبير فيها مضمونة وإنما هذه المنطقة مازالت تشهد تضييقات على مستوى حرية التعبير وتشهد أزمات غير مسبوقة رغم الانفتاح الجزئي الذي شهدته بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعد ما يسمّى بالربيع العربي في بداية العقد الماضي.
واعتبرت محدثتنا أنّه ليس هناك أي بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن اعتباره بلدا منفتحا حسب التقرير العالمي لحرية التعبير للمنظمة.
وأرجعت مديرة المكتب أسباب تراجع تونس في الترتيب إلى التحول السياسي الذي شهدته البلاد بعد 25 جويلية 2021، وإقالة الحكومة ناهيك عن كل الخطوات التي تم اتخاذها من طرف رئيس الجمهورية بعد إعلان حالة الاستثناء في البلاد من تجميد للبرلمان ثم حله نهائيا، بالإضافة إلى إقالة الحكومة وتغييرها بحكومة جديدة وحل المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بمجلس جديد وحل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القديمة وتعويضها بهيئة جديدة.
وذكرت الغزواني أيضا، بإلغاء دستور 2014 وتعويضه بدستور جديد والمصادقة على الأمر 117 لسنة 2021 الذي منح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، بالإضافة إلى الملاحقات القضائية التي طالت مدونين وصحافيين ونشطاء في المجتمع المدني ومعارضين سياسيين ، ناهيك عن القوانين التي تم المصادقة عليها والتي تضيّق على حرية التعبير، أبرزها المرسوم 54 الذي تمت المصادقة عليه في سبتمبر 2022 والذي تم على أساسه إثارة عديد القضايا ضدّ الصحفيين والمدونين التي مازال البحث سار في بعضها.
وقالت الغزواني، إنّ هذا التقرير عالمي ويقدّم لمحة عن وضع حرية التعبير في كامل مناطق العالم، ولعلّ أبرز ما خلص إليه، هو أن حرية التعبير تشهد تراجعا في جميع أنحاء العالم وذلك نظرا لأنّ حرية التعبير تتعرض إلى التضييقات تقريبا حتى في البلدان الديمقراطية العريقة، بالنظر إلى التهديدات التي تشهدها الحريات في علاقة بالاحتجاج والتظاهر أو كذلك من خلال المصادقة على قوانين تتضمن أحكاما تضييقية على حرية التعبير سواء للصحافيين والمدونين أو حتى للمواطنين العاديين.
وأوصت، سلوى الغزواني، بالانتباه الى هذه التراجعات الخطيرة وتظافر الجهود من أجل أن يكون هناك جهد جماعي من مختلف منظمات المجتمع المدني سواء المنظمات المحلية أو المنظمات الدولية، من أجل ضمان انخراط المواطنين في الدفاع عن حرية التعبير وخلق وعي أكبر بأهمية الحق في حرية التعبير باعتباره أحد ركائز التمتع بباقي الحقوق الانسانية الأخرى، وأحد سبل النهوض الاقتصادي، ناهيك عن أنّه ركيزة من ركائز الديمقراطية وسيادة القانون لذا على جميع الدول أن تتبنى "سياسات منفتحة" من أجل ضمان استتباب الأمن، وفق تقدير محدثتنا.
وللإشارة، فإنّه ورد في التقرير أنّ 80 % من سكان العالم يتمتعون في الوقت الراهن بحرية تعبير أقل مما كانت عليه سنة 2000. ناهيك عن أنّ 6 مليارات شخص لا يتمتعون بنفس مستوى حريّة التعبير الذّي كانوا يتمتعون به في بداية القرن الحادي والعشرين.