خلال مراسم تنصيب محمد الحشاني على رأس الحكومة في 02 أوت 2023، قال رئيس الجمهورية قيس سعيد إن تحديات المرحلة اقتصادية واجتماعية وذكر "لوبيات الإدارة" التي تقف وراء جل الأزمات في البلاد، في تلميح واضح لمهام ورهانات رئيس الحكومة الجديد.
عقب إقالة رئيس الجمهورية لرئيسة الحكومة نجلاء بودن وتعيين الحشاني خلفا لها، ذهبت آراء الخبراء والمحللين إلى أن سعيد أراد من خلال هذه الخطوة استغلال خبرات الحشاني في دهاليز الإدارة التونسية لـ "تطهيرها" من أصحاب الشهائد العلمية المزورة و "اللوبيات" أو الولاءات التي تعطل عملها، هذا بالإضافة إلى تنفيذ سياسات التداين الداخلي لتعبئة موارد الميزانية.
والحشاني هو رجل قانون عمل لسنوات داخل قسم الشؤون القانوني بالبنك المركزي منذ سنة 1986 وتربطه علاقة وثيقة مع البنوك التونسية، ليشغل بعد ذلك خطة مدير عام الموارد البشرية في ذات المؤسسة.
استلم الحشاني رئاسة الحكومة، والبلاد التونسية تمر بظرف دقيق تجلى في ندرة المواد الأساسية المدعمة كالخبز والزيت والقهوة وارتفاع نسب التضخم، إلى جانب الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب والتيار الكهربائي، واليوم ورغم مرور ثلاثة أشهر منذ مباشرته لمهامه لا تزال هذه الأزمات قائمة، هذا ولم يقم الحشاني بأي حوار إعلامي كما لم يعلن عن توجهات الحكومة.
يقول أمين عام التيار الديمقراطي نبيل حجي في حواره لـ SonFM إن أحمد الحشاني حقق صفر إنجاز منذ توليه رئاسة الحكومة، لا يمكننا أن ننتقد أو نقيم أداءه لأنه موظف يعمل تحت إمرة الرئيس وبصلاحيات محدودة.
ويؤكد حجي أن "تطهير الإدارة" وسياسات الاقتراض الداخلي ليست مشاريع رئيس الحكومة أحمد الحشاني وإنما هي مشاريع وخيارات الرئيس، ولا رأي لأحمد الحشاني حولها.
وعرف على رئيس الجمهورية قيس سعيد رفضه القاطع لشروط صندوق النقد الدولي مقابل تشبثه بخيار "التعويل على الذات" وهو ما ترجم في سياسات الاقتراض الداخلي الذي تضمنه قانون المالية التكميلي لسنة 2023 وقانون المالية لسنة 2024، بالإضافة إلى انتقاده للعشرية الماضية و"أتباعها" داخل الإدارة التونسية.
وفي سبتمبر 2023 أثار حذف رئيس الجمهورية قيس سعيد للفصل عدد 9 من الأمر عدد 1245 لسنة 2006 المتعلق بضبط نظام إسناد الخطط الوظيفية بالإدارة المركزية والإعفاء منها (ما يعني إلغاء التعليل الكتابي لقرارات الإعفاء) جدلا في البلاد حول ضمانات الأمان الوظيفي.
ويضيف الأمين العام للتيار الديمقراطي مرت ثلاثة أشهر على أدائه اليمين الدستوري ولم يقدم الحشاني أهداف وتوجهات حكومته، إلى جانب أنه لم يحدث أي تحوير وزاري ويتساءل على أي أساس يمكن أن نقيم أداءه وهو لم يقدم تصورات يمكن مساءلته على أساسها، ويواصل حديثه لنفترض أن رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يعين الحشاني عقب إقالة بودن وبقي منصب رئيس الحكومة شاغرا، لا أعتقد أن ذلك سيغير من واقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي شيئا.
وينص الفصل 111 من دستور سنة 2022 أن الحكومة تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية، فيما يشير الفصل 113 إلى أن رئيس الحكومة يسير وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة، وله أن ينوب رئيس الجمهورية عند الاقتضاء في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر.
وأوضح الأمين العام للتيار الديمقراطي أن رئيس الجمهورية هو من يضع التوجهات العامة للبلاد وحتى إن تقدم أعضاء الحكومة بمبادرات فإن الرئيس لا ينفذ سوى تصوراته.
هذا وشهدت رئاسة الحكومة التونسية منذ انتخاب قيس سعيد رئيسا للجمهورية، عدم استقرار حيث مر على هذا المنصب خمسة رؤساء حكومة آخرهم أحمد الحشاني.